هو مرض نادر ووخيم. ينتمي المرض لمجموعة أمراض تسمى اعتلال الأوعية الدقيقة الخُثاري (Thrombotic microangiopathies)، أي أمراض يميزها تكَوُّن خَثَرات في الأوعية الدموية الصغيرة. يكون المرض في هذه المجموعة مشابهًا للمتلازمة الانحلالية اليوريمية (Hemolytic uremic syndrome)، غير أن الأخيرة تظهر بشكل أكثر وسط الأطفال، وتتميّز بإصابة في أداء الكلى.
قد يكون مرض الفُرْفُرِيَّةِ القَليلَةِ الصَّفيحاتِ الخُثارِيَّة مولودًا، وراثيًّا/عائليًّا أو مكتسبًا؛ وفي معظم الحالات يكون مكتسبًا، دون وجود سبب واضح لظهوره. يكون المرض في حالات قليلة فقط، مكتسبًا ويعرف مصدر التحفيز، كالأدوية، أمراض سرطانية، عداوى (مثل الفيروس المسبب لمتلازمة نقص المناعة المكتسب – AIDS)، أو الحَمْل. يمكن أن تظهر المتلازمة لمرة واحدة فقط، أو قد تتكرر في أوقات زمنية غير متوقعة.
تظهر المتلازمة السريريَّة نتيجة لتكوّن جلطات دموية، في الأوعية الصغيرة، مركبة بالأساس من صَفيحات دم. إن الأوعية الأكثر شيوعًا لتكون الجلطات الدموية، هي تلك الموجودة في الكلى والدماغ. تؤدي الجلطات لانسداد الأوعية الدموية، مسببة بذلك أضرارًا في الأعضاء المختلفة. تحدث الجلطات في الغالب، بواسطة عامل يسمى فون ويليبراند (Von Willebrand Factor – VWF). إن هذا العامل مبني من وحدات صغيرة متصلة ببعضها البعض. كلما ازداد عدد الوحدات المتصلة، زاد طول سلسلة الـ VWF، وبهذا يزداد تحفيزه لتجلطات الدم. لا تتواجد في الشكل السليم، سلاسل طويلة جدًّا لهذا العامل في الدم، وذلك بسبب تفكيكه لوحدات صغيرة على يد إنزيم.
تم في سنة 2001 تحديد الإنزيم وتسميته بـ أدامتز 13 (ADAMTS 13). نجد في دم مرضى الـ TTPسلاسل عامل VWF طويلة، في الوقت الذي نجد لدى قسم منهم انخفاضًا بنشاط الإنزيم بسبب نقص خِلقي، أو بسبب تواجد مثبطات لعمل الإنزيم. يمكن أن يؤدي انخفاض فعالية الإنزيم، إلى تراكم سلاسل VWF طويلة، من شأنها أن تحفز تكوّن جلطات دموية. بالرغم من هذا، فإننا لا نجد انخفاضًا في نشاط الإنزيم لدى جميع مرضى الـ TTP، الأمر الذي قد يدل على وجود آليات عمل أخرى تسبب ظهور أعراض المرض.
أعراض الفرفرية القليلة الصفيحات الخثارية
تميّز مرض الفُرْفُرِيَّةِ القَليلَةِ الصَّفيحاتِ الخُثارِيَّة بعدة أعراض أساسية: قلة صَفيحات الدم (Thrombocytopenia) – انخفاض عدد الصَّفيحات في الدم، فقر دم انحلالي (Hemolytic anemia) – تدمير مكثف لخلايا الدم الحمراء، اضطرابات بالجهاز العصبي، وأحيانًا حرارة مرتفعة وتضرر بأداء الكبد أيضًا.
يمكن أن تظهر الإصابة في جهاز الأعصاب بعدة أشكال وتشمل صداعًا، تصرفًا غريبًا، نقصًا عصبيًّا مَوْضِعِيًّا (حركي و/أو حسي)، نوبات (نوبة صرع – Seizure)، غيبوبة (Coma).
تشخيص الفرفرية القليلة الصفيحات الخثارية
يتم تشخيص المرض اعتمادًا على الأعراض السريرية. إن مميزات المرض الأساسية: (قلة صَفيحات (Thrombocytopenia)، فقر دم انحلالي (Hemolytic anemia)، اضطرابات في الجهاز العصبي، حرارة مرتفعة وتضرر بأداء الكلى)، وهي العوامل الأساسية التي يعتمد عليها التشخيص، ولكن قد تنحصر الأعراض بقلة صَفيحات (Thrombocytopenia) وفقر دم انحلالي (Hemolytic anemia) فقط. يمكن أن تظهر الإصابة بالجهاز العصبي بعدة أشكال: صداع، تصرف غريب، نقص عصبي موضعي (حركي و/أو حسي)، نوبات (نوبة صرع – Seizure)، غيبوبة (Coma).
لا توجد فحوصات مخبرية، يمكن من خلالها تأكيد الإصابة بالمرض بشكل مطلق. من المتبع تحديد تعداد الخلايا الدموية وفحص عينة دموية تحت المجهر، لتأكيد أو نفي وجود نقص صَفيحات دموية، والبحث عن علامات تدل على فقر الدم، نتيجة لتفكيك خلايا الدم الحمراء. يتم القيام بفحوص كيميائية لتحديد أداء الكلى وقياس قيم الإنزيم المسمى “نازع هيدروجين اللاكْتات” LDH، والذي غالبًا ما يرتفع مستواه في المتلازمة.
علاج الفرفرية القليلة الصفيحات الخثارية
يتم العلاج الأساسي للمتلازمة، بتبديل البلازما بشكل متكرر، في عملية تدعى فِصادَة البلازما (Plasmapheresis). من المتبع البدء بهذه العملية خلال 24 ساعة من تشخيص المرض، كما يتم القيام بها أحيانًا على أساس يومي لحين اختفاء أعراض المرض، وأحيانًا حتى بعد ذلك. يتم التبديل بواسطة جمع دم المريض بشكل مُعَقَّم إلى داخل جهاز مخصص لهذا الغرض. يقوم هذا الجهاز بفصل الدم لمركباته المختلفة، ويعيد المُرَكَّبَ الخَلَويَّ للمريض، أي أنه يقوم بإرجاع خلايا الدم دون المَصْل. إلى جانب تلك العملية، يتم إدخال مَصْل دم للمريض، مصدره تبرعات دم أشخاص معافَيْن.
يمكن، بالإضافة للعلاج بواسطة فِصادة الدم، العلاج بمساعدة أدوية من عائلة الستيروئيدات (Steroids). يقوم هذا العلاج بتقليص نشاط الصَّفيحات، بشكل مشابه، إعطاء الأسبرين عند ارتفاع قيم الصَّفيحات، لمنع تكوُّن جلطات دموية إضافية. يساعد فيتامين حامض الفوليك على إنتاج كريات دم حمراء، ولكن يمكن أيضًا إعطاء وجبات من كريات الدم الحمراء وفقًا للحاجة السريرية.
يتلاشى المرض كليًّا لدى 80% من المرضى بعد تلقي العلاج المناسب، ولكن، يصاب ثلث المرضى بحَادث TTP إضافي، والذي يمكن أن يحدث حتى بعد 8 سنوات من موعد الحَدَث الأول. لا يمكن التنبؤ بتكرر المرض. قد يساعد استئصال الطحال على خفض احتمال تكرار المرض، لذلك من الممكن أن نوصي المرضى الذين تكررت لديهم حالات المرض، بالقيام بعملية استئصال للطحال.
بالرغم من أن العلاج، خصوصًا فِصادة الدم، خَفَّضَ بشكل كبير معدل الوفيات الناجمة عن المرض (التي كانت سابقًا 90%)، إلا أن مرض الـ TTP لا يزال يعتبر مرضًا خطرًا، وتصل نسبة الوفاة نتيجة له الـ 30%. إن التشخيص المبكر والعلاج المناسب والسريع، هما أمران مهمان جدًّا لعملية الشفاء.